نتشر في عُمان، خصوصاً في المناطق الجبلية، مئات القلاع والحصون الدالة على تاريخ الحروب التي سبّبها الطمع بالنفوذ والسلطة.
وتكثر في السلطنة الحصون الصغيرة، خصوصاً تلك الواقعة بين سلسلتي جبال الحجر الشرقي والغربي. وكانت هذه الأماكن تدار منها البلاد ويسكنها الإمام لينطلق منها لغزو القبائل المتمردة، ويصد من خلالها التحديات التي تواجهه.
ومن تلك الحصون، حصن الحزم في ولاية الرستاق الذي لا يزال يقف بمهابته على رغم مرور الزمن عليه. بنى هذا الحصن الإمام سلطان بن سيف اليعربي وهو خامس أئمة دولة اليعاربة التي حكمت عمان بين عامَي 1624 و 1738، وهي الفترة التي شهدت بداية تأسيس أسطول عماني له قوته سياسياً واقتصادياً، فتمددت الدولة نحو آسيا وأفريقيا.
ويفتح حصن الحزم أبوابه أمام الزوار بعد سلسلة من الترميمات التي راعت أن يكون جاذباً بلمساته التي أرادها بناؤوه من حيث الفخامة المعمارية والمنعة العسكرية. وتزيده المنطقة المحيطة به بهاء، إذ تنتشر حوله أشجار النخيل وسواها، وتتدفق المياه عبر ساقية تمر بداخله لتخرج منه نحو مزارع القرية التي يقع فيها.
وتشير روايات غير رسمية إلى وجود نفق طويل يربط حصن الحزم بقلعة الرستاق الشهيرة خلف الجبال القريبة على مسافة كيلومترات منه، ما يوفر خطة استراتيجية للتموين والصمود أكثر في وجه المحاصِرين. والحصن مؤلف من ثلاث طبقات وجدران سميكة بأعمدة دائرية متداخلة لتحمي المبنى من ضربات المدافع، وهو مربع الشكل، يضم برجين عملاقين.
تستقبل الزائر بوابة خشبية صنعت قبل أكثر من ثلاثة قرون وتعد من أفخم بوابات الحصون في عُمان، وتدل الكتابة المحفورة على جانبها الأيسر على تاريخ صنعها في الهند. ولا تقل البوابة في جمالها عن الحصن الذي تحرسه، فتتداخل فيها النقوش والكتابات مع زخرفة نحاسية، وتضيف إلى جمال هذه البوابة المشربيات التي تجعل الزائر يعتقد أن الحصن قصر في الأساس ولو بدا أنه مبني وفق أبعاد عسكرية تأخذ في الاعتبار المتغيرات السياسية وهجمات القبائل التي استعد لها الحصن من خلال فتحات علوية لرمي الرصاص، كما هي الحال في سائر الحصون والقلاع العمانية التي تتوافر فيها أيضاً مساقط لإلقاء العسل والزيت المغليين على المهاجمين.
بعد دخول الحصن، يجول الزائر في المكان فيشعر كأنه داخل إلى قصر قديم، ويرى مَدافع كأنها ما زالت تحمي المكان من الطامعين. وفي البرجين، يمكن التعرف أكثر إلى جانب من التاريخ العماني عموماً وتاريخ الحصن خصوصاً، إذ تتضمّن المعروضات نماذج من الأسلحة التقليدية كالبنادق والمدافع مع عرباتها.
في زاوية أخرى، يبرز مدفع مصنوع في عمان تزن قذيفته تسعة أرطال، وتشير البحوث إلى أن النحاس الذي استخدم في تصنيعه يحتوي على نسبة عالية من النيكل، بالإضافة إلى أن النحاس استخرج من مناجم في صحار كانت تشتهر بصناعة هذا المعدن قديماً.
شكرا على المعلومات القيمه
ردحذف